lundi 2 janvier 2012

article - مقال

 

الركح دوت كوم
بشرى عمور:
احتضن المركز الثقافي للعاصمة الشرقية وجدة أطوار الدورة الثانية للمهرجان الدولي المسرحي ابتداء من يوم الثلاثاء 16 يونيو 2009 وإلى غاية 21 منه تحت شعار:"بكل اللغات هناك مسرح" والذي نظمته جمعية "كوميدراما" بتنسيق مع المؤسسة المغربية البلجيكية:"واخا... واخا للتواصل" وبشراكة مع المديرية الجهوية للثقافة بالجهة الشرقية.

لقد تميزت النسخة الثانية بحضور غني، سواء من خلال مشاركة فرق احترافية وأخرى جامعية مغربية إلى جانب دول أخرى كليتوانيا، بلجيكا، فرنسا وإيطاليا. كما حظيت بحضور فعاليات بعضها راكم التجربة الركحية سواء من ممارسة الفرجة المسرحية أو من خلال مقاربات نظرية وأكاديمية. ويعد الانفتاح ،الذي حققته اللجنة المنظمة على شركات جديدة لدعم وإنماء تجربة المهرجان الدولي المسرحي بوجدة خاصة وبالمنطقة الشرقية عامة، أحد الأهداف الأساسية التي سعت لها الجمعية لكي تحقق نجاحا مشهودا. ونخص بالذكر شركتها مع كل من المديرية الجهوية للثقافة بالجهة الشرقية، المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية و وكالة تنمية أقاليم الجهة الشرقية.
* حفل الافتتاح:
استهل حفل الافتتاح بكلمة رئيس المهرجان ومديره الأستاذ "محمد بنجدي" الذي رحب فيها بالحضور وعرف من خلالها على الفرق المشاركة ونوه كذلك بالمجهودات التي بذلت من لدن بعض الشخصيات سواء الثقافية/الفنية والمدنية وكذا الإعلامية التي ساندت التظاهرة من قريب أو بعيد. في غياب الدعم المادي الذي وعدت به من بعض الجهات الساهرة على الشأن الثقافي بالمدينة لكي تكتفي اللجنة المنظمة بقدراتها الذاتية الشخصية مع مساهمة جليلة لبعض المؤسسات الخاصة والشخصيات المدنية. فيما تميزت كلمة رئيس الجمعية المنظمة السيد:"محمد بناي" الذي ذكر من خلالها بأهداف المهرجان التي تعد من أهم الأسس التي تسعى إليها الجمعية في إغناء الساحة الثقافية والفنية بمدينة وجدة خاصة والمنطقة الشرقية عامة، ورغبة منها في سعيها إلى مدارات التألق والاستمرارية في نهج أسلوب التنمية السياحية لهذه الجهة.
ليختتم الحفل بتقديم أول عرض مسرحي ليتواني تحت عنوان:"ويش" لأنطوان شيخوف.
* مسرحيات متنوعة ذات إيقاع متناغم:
مشاركة النسخة الثانية تمظهرت في عرضين مغربين، الأول احترافي لفرقة تاسوتا "وجه في المرآة" لكاتبه محمد حنصل ومن إخراج المرحوم فيو جلول اعراج. أما الثاني فهو جامعي لفرقة محترف كلية الآداب وجدة بعنوان "السور" لمخرجه "مصطفى البرنوصي" مأخوذ عن نص "الرجال والفئران" لجون سشيانبيك.
أما المشاركة الأجنبية فقد تجسدت من خلال أربعة عروض وهي:
1/ "ويش" / ليتوانيا ( تأليف: أنطوان شيخوف ـ إخراج: جوناس بيزيليوسكاس).
2/ "الحدود"/ إيطاليا (تأليف: فاطمة مرنيسي (مأخوذة من حكايات طفولة الحريم ) إخراج: مونيكا بيسياتيني).
3/ "ثنائي وجع الكلمات"/فرنسا ( لفرنسيس فاكون)
4/ "الممثلون في حالة إعياء" /فرنسا (لإريك أسوس).
في حين غاب العرض المغربي الثالث لفرقة أسام من الناظور "القمر العاشق".
وقد اختلفت مدارس العروض، من المونودراما ومسرح الحكواتي ومسرح الكلاسيكي والمسرح الحديث المعتمد على جمالية التقنيات وتوظيفها إلى مسرح التراجيدي. الشيء الذي جعل مستوياتها مختلفة تتراوح ما بين الجيد والمتوسط لكن لم تكن بمستوى الهزيل. حيث تفاعل المتلقي مع أطوار العروض بشكل إيجابي ساهم في نجاح التظاهرة التي استطاعت أن تخلق عنصر الفرجة والمتعة في آن واحد باعتمادها على تنوع الأنماط المسرحية المقدمة. لكن الجمهور استحس كثيرا العمل الإيطالي"الحدود" الذي كان قريبا منه من حيث الموضوع المستخلص من تجربة مغربية عانت لكي تكسر قيود الحريم لتجد الحرية ذات فضاء لا حدود له. العمل جمع ما بين روعة السرد وجمالية الأداء والأمانة الملموسة للتراث المغربي (اكسوسورات ذات مدلول فني وجمالي، وتصميم ملابس ملائمة للحدث والاستعانة بإضاءة توحي بسرد جزء من الذكريات واستعمال رموز لها معاني كثيرة ويبقى الهدف واحدا). فلقد برعت المخرجة في استدراج المتلقي لكي يكون عنصرا في اللعبة من خلال استعمال بخور مغربي (العود) داخل صالة العرض قبل بداية العمل مع ترك الخشبة مفتوحة.
نفس الإيقاع عرفه العمل الليتواني"ويش" الذي ارتكز على حداثة التقنيات الصوتية والضوئية التي منحته لمسة ساحرة كانت بمثابة جلسة طبية نفسية التي خلصت الذات من ضغوطات وتراكمات عديدة. حيث أن العمل تمكن من تقدي لوحة شملت جمالية ألوان وأشكال تقنية وبتخطيط وأداء عفوي جعلت المتفرج يستسهل فهمه للغة الروسية ويتأكد أنه بكل لغات هناك فعلا المسرح. أما العرض الثالث الذي يندرج ضمن نفس القائمة هو العمل المغربي:"وجه في المرآة" الذي نسجت أحداثه ضمن زمن ومكان لا حدود لهما، فلقد استطاع البطل أو الشخصية المحورية أن تأثث الركح بتعبيرات جسدية مدروسة واستعمال جيد للديكور وكذا الاكسوسورات التي كانت تختزل ألفاظا ورموزا تجعل الجمهور يخرج من العرض بأكثر من قراءة. إضافة أن الممثل أحيانا كان يقرب مفهوم الحوار ببعض من الجمل باللغة العربية حيث أن العمل ارتكن للهجة الأمازيغية.
* الأنشطـة الموازيـة للمهرجان:
على هامش المهرجان، احتضنت مكتبة البلدية بالمركز الثقافي ندوة حول موضوع:" بكل اللغات يمكن أن نقدم فرجة مسرحية، يكفي أن نحب المسرح" شملت مداخلات قيمة كل من د. جميل الحمداوي الذي سرد أبرز مراحل المسرح الامازيغي مشيرا لأهم المنشآت والشخصيات التي تركت بصماتها واعتبرت مدارس يستند إليها حاليا. بينما ذكر ذ. عمر درويش أن المسرح صرح غني يساعد على التواصل وكذا يسعى إلى توحيد اللغات من خلال مكوناته سواء النص كفكرة والإخراج كتنفيذ بوسائل مكملة كالديكور والموسيقى والإضاءة والاكسوسورات... لأن أحيانا حركة معينة يختلف مفهومهما من بلد إلى آخر. أما جوناس بيزيليوسكاس ركز في مداخلته على طرح الأسلوب الذي يتخذه في تبنيه للعمل المسرحي ابتداء من تحليله كنص جامد إلى تفعيله كروح متحركة تعتمد على أساليب تقنية تحرر العرض وتجعله ذا لغة مفهومة. في حين طرح فرنسيس فاكون في مداخلته أن المسرح يساعد على تمرير أي خطاب أو فكرة دون استناد على لغة معينة. كما عرف بطريقته الإخراجية وبمنهجية فرقته المتكونة من عدد كبير من النساء الشيء الذي يجعلها مضطرة للبحث عن نصوص ذات مساحة كبيرة أنثوية الأداء، فلذا ارتأت الفرقة أن تعتمد على طاقاتها من خلال خلق ورش فنية متعددة حتى تستطيع أن تقدم فرجة متكاملة، وللإشارة فهي تضم بين عناصرها أجناسا ذات لغات مختلفة لكن وحدها المسرح. لتأتي المداخلة الأخيرة، والتي تعد الخلاصة لهذه الندوة، للتقني الفرنسي كرست فان كوتيم مؤيدة لما تم سرده في المداخلات السابقة حول توحيد اللغة المسرحية لباقي لغات العالم خصوصا أن الجانب التقني في مجال المسرح يساهم في توصيل فكرة العرض المسرحي من خلال التعامل المدروس والمحكم له (احترام زمان ومكان القوة والضعف
للموسيقى والإضاءة والمؤثرات الصوتية أثناء العرض) .
وإلى جانب هذه الجلسة العلمية الثقافية، تم بمؤسسة مولى سليمان/ وجدة تنظيم محترفين فنين: الأول يعنى بالحركة في المسرح من تأطير ليلى بوخليف (بلجيكية ذات أصول جزائرية). والثاني يهتم بتكوين الممثل أسند مهامه إل السيد جونس (ليتوانيا). ولقد لقي المحترفين اهتماما ومتابعة ملحوظة من طرف المهتمين بأبي الفنون مما حدا بالمأطرين إلى خلق فرجة قدم فيها ما تم استخلاصه من التجربتين.
* الخاتمــة:
إن النسخة الثانية من المهرجان الدولي بوجدة استطاعت أن تحقق نجاحا بفضل إرادة قوية للجنتها المنظمة وعزيمتها على أن يكون المهرجان صلة تواصل بين تجارب ومدارس مسرحية عديدة ذات لغات متعددة لفظيا تسعى إل لغة مسرحية موحدة تعبر من خلالها عن مكنوناتها وحبها لفن الركح من جهة. ومن جهة أخرى أن تساهم في انتعاش الحركة السياحية بالمدينة، الشيء الذي جعلها تنال دعما ملموسا من طرف الشرطة السياحية التي واكبت المهرجان وسهرت على تعميم الراحة والآمان على جميع المشاركين

 

.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire